ذهب شعبان إلى الأمير وقال له: " يا خير الأزواج..زوجتك فيروز تطلب منك أن تعطيني مطحنة القمح الصغيرة " . وفي الحال، نادى الأمير قائلاً : " أيها الخازن، سلمه مطحنة القمح الصغيرة، التي طلبتها زوجتي المحبوبة فيروز
وكانت المطحنة صغيرة ، إلى درجة أن شعبان استطاع أن يضعها في*****************************
ما أن قال شعبان إنه موافق، حتى انشق الجبل بجوارهم، ودخل فيه الأمير وتابعه، ومعهما شعبان وفيروز
وبعد لحظات، وجد شعبان نفسه في مدينة كبيرة، مبنية من البلور الثمين. وفي هذه المدينة، تم الزفاف في احتفال كبير
وبعد الزفاف، سأل شعبان زوج ابنته: " كيف أستطيع أن أرى ابنتي عندما أود زيارتها؟
فأعطاه الأمير قطعة من جريد النخل، وقال له:" عندما تحب أن ترى ابنتك، اضرب الأرض عن يمينك بهذه الجريدة، ثم اضربها عن يسارك ضربة أخرى، عندئذ ترى ابنتك
وما أن أمسك شعبان قطعة الجريد بين يديه، حتى وجد نفسه بجوار الجبل، في المكان الذي قابل فيه الأمير وتابعه
*******************************
عاد شعبان إلى بيته، وما أن رأته زوجته عائداً وحده، حتى صرخت
أين ابنتي؟ أين تركتها؟ ابنتي حبيبتي.. ماذا حدث لها؟ "
قال شعبان: " لقد تزوجت ابنتك زوجا عظيما. واذا كنت لا تصدقين، تعالي معي لرؤيتها
]قالت له الزوجة: " هيا بنا". وأمسك شعبان قطعة الجريد، وضرب بها الأرض عن يمينه ضربة، وعن يساره ضربة، فانشقت الأرض، وظهر سلم طويل، نزل عليه شعبان وزوجته، وانتهى السلم إلى مدينة البلوروما أن شاهدت الأم فيروز، حتى صاحت بها: " ابنتي..حبيبتي..كيف تتزوجين دون أن أعلم؟ ". وظهرت السعادة على وجه فيروز وهي تقول: " لقد وفقني الله إلى زوج هو خير الأزواج جميعاً، وإلى حياة هي أجمل حياة. انظري يا أمي .. إن عندي كل ما كنت أحلم به: حـُلي غالية، وملابس كثيرة متنوعة، وقصر عظيم
**********************************[/
وبعد بضعة أيام، ذهب الأب وحده في زيارة ثانية لفيروز، فقالت له ابنته: " ليس من العدل يا أبي أن أعيش في كل هذا النعيم، وأتمتع بالراحة والسعادة، وتعيش أنت وأمي في فقر وتعب
قال الأب: " سأعود وأبيع الماسة الثمينة التي عثرنا عليها قبل مولدك، ونعيش من ثمنها في غنى وسعادة". قالت فيروز: " بل أذهب إلى زوجي وقل له: " زوجتك فيروز تطلب منك أن تعطيني الجحش الصغير". قال والدها: " وماذا نفعل بحمار صغير؟ " قالت فيروز: " لن تخسر شيئاً يا أبي اذا ذهبت وطلبت منه هذا الطلب
ذهب شعبان إلى الأمير، وقال له
" صباح الخير يا خير الأزواج. زوجتك فيروز تطلب منك أن تعطيني الجحش الصغير
وبغير تردد، صاح الأمير: " أيها السائس.. أعطه الجحش الصغير الذي طلبته زوجتي المحبوبة فيروز
كان الجحش صغيراً، كأنه ولد منذ لحظات. وعندما عاد شعبان إلى ابنته، قالت له: " إنه أصغر من أن تركبه، وأضعف من أن يستطيع جر عربة، لكنه يساوي وزنه ذهبا. فما عليك إلا أن تضع تحت فمه صندوقاً، ثم تأمره قائلاً: أسمعنا صوتك الجميل. ومع أن صوته لن يكون جميلاً، إلا أن قطع الذهب ستتساقط من فمه حتى تملأ الصندوق، وستكون تلك القطع الذهبية أثمن شئ شاهدته في حياتك
*********************************/
وكان أول ما فكر فيه شعبان، أن يذهب إلى صاحب فندق في قرية مجاورة، ليرد له مبلغاً كبيراً من المال ، كان قد اقترضه منه ، وأصبح يقلقه كثيراً تأخره في سداد ذلك الدين
وما أن وصل شعبان إلى الفندق، حتى ذهب إلى صاحبه، وقال له: " سأسدد لك اليوم كل ديوني، لكن أرجو أن أجد عندك غرفة أستريح فيها
كان شعبان يريد ان ينفرد مع جحشه في مكان لا يراه فيه أحد، لكن صاحب الفندق دهش من هذا الطلب، لأنه يعرف أن شعبان رجل فقير لا يستطيع أن يدفع أجر المبيت في غرفة، كما أنه أفقر من أن يستطيع سداد ديونه كلها مرة واحدة
وشاهد صاحب الفندق الجحش الصغير مع شعبان، فسأله: " وهل ستأخذ هذا الحيوان معك إلى الغرفة ؟" . قال شعبان: " إنه صغير جداً وسأحتفظ به معي". وما أن أغلق شعبان باب غرفته عليه ، حتى قال صاحب الفندق لنفسه: " يجب أن أعرف سر هذه الثروة التي هبطت فجأة على شعبان" . وتسلل، وأخذ ينظر من ثقب بالباب، فشاهد شعبان يضع صندوقاً تحت فم الجحش ويقول له: " أسمعنا صوتك الجميل "
وسرعان ما شاهد الصندوق يمتلئ بقطع الذهب التي تساقطت مع نهيق الجحش[
كاد صاحب الفندق يجن من الدهشة، لكنه تمالك نفسه، واعتزم أن يستولى على هذا الجحش
أسرع يبحث في القرية، حتى وجد جحشاً حديث الولادة، فأخذه وعاد به إلى الفندق، وقد ترك جحشه في الغرفة، فأسرع صاحب الفندق وأخذ الجحش العجيب ، ووضع مكانه الجحش الآخر
سدد شعبان دينه لصاحب الفندق، وعاد إلى بيته. وما أن دخل الدار، حتى نادى زوجته وقال لها: " لقد انتهى عهد الفقر يا زوجتي، انظري إلى فم هذا الجحش الصغير
وأخذت الزوجة تتطلع إلى زوجها في دهشة واستنكار، وهو يمسح على رأس الجحش ويقول: " أسمعنا صوتك الجميل". لكن فم الجحش ظل مغلقاً، ولم تتساقط منه القطع الذهبية ! وظنت المرأة ان زوجها فقد عقله، بينما اشتدت حيرة شعبان، وأدرك أن جحشه العجيب قد سرق منه، فعاد يضرب الأرض بقطعة الجريد، ليزور ابنته فيروز
دهشت فيروز عندما رأت علامات الهم والحزن على وجه والدها
ولما قص عليها ما حدث، قالت له : " لا شك أن هناك من استبدل جحشاً آخر بالجحش الذي أعطاه لك الأمير. على كل حال، اذهب إلى زوجي الأمير، وقل له إنني أطلب منه أن يعطيك مطحنة القمح الصغيرة" . قال شعبان " وماذا أفعل بمطحنة قمح صغيرة ؟
[إن عندنا في البيت مطحنة مناسبة، نطحن بها القمح ونحوله إلى دقيق ".
قالت له فيروز: " لن تخسر شيئاً اذا طلبت من زوجي ما أقول لك